السرقات العلمية (الجزء الثانى)


السرقات العلمية ..الدولية

السرقات العلمية استعرضنا فى الجزء الاول من هذه المقالات السرقات العلمية على المستوى القطرى والاقليمى العربى، وفى الجزء الثانى نستعرض السرقات العلمية الدولية. 

السرقات العلمية ظاهرة خطيرة ومنتشرة فى جميع انحاء العالم، ولكن نسبتها تختلف من دولة الى اخرى1، وكما يعانى العالم العربى من هذه الظاهرة، نجد كذلك يعانى منها العالم اجمع، ولكن هناك فارق كبير بين العالم المتقدم والدول النامية في هذا المجال، فبينما نحن ننفى الظاهرة او نقلل من أهميتها بل وفى أحيان كثيرة نحمى مرتكبيها، نجد انهم يعترفون بها بل ويبحثون دائما عن حلول مبتكرة لها، وكذلك اتخاذ اقصى العقوبات ضد مرتكبيها2. ورغم وجود قوانين حماية الملكية الفكرية في كل الدول العربية3، وكذلك انشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية عام 1967 4 الا ان كل هذه القوانين إذا لم يتم تطبيقها وبقوة ضد مرتكبي جرائم السرقات العلمية، والتي قد تصل الى السجن لعدة سنوات، مع دفع غرامة مالية كبيرة كذلك العزل من الوظيفة الاكاديمية، لا قيمة لها على ارض الواقع.

السرقات العلمية الدولية، ومن خلال خبرتي ومتابعتي للمجتمع الاكاديمي الدولي، اجد انها سهلة في التعامل معها، وفى حالة اثبات جريمة السرقة العلمية فانهم يقومون باتخاذ إجراءات عقابية شديدة ضد مرتكبيها، ولكن بشرط ان يكون العمل العملي منشور في دور نشر عالمية محترمة ولها سمعة ممتازة، وليست دور النشر المشبوهة والمنتشرة بكثرة هذه الأيام والتي تعتمد على تحصيل الأموال فقط، ويتم نشر أي شيء فيها وبدون مراجعة علمية، بل واحيانا كثيرة بدون مراجعة لغوية أيضا5. وفى هذا المجال تقوم الكثير من الجهات الاكاديمية بإصدار نشرات ارشادية للباحثين الذين يرغبون في النشر العلمى ولتجنب دور النشر المشبوهة، ونثمن في هذا المجال اصدار الجامعات لنصائح وتوجيهات للباحثين، ومنها اصدار جامعة المنوفية لهذا الكتيب الذى يجب ان يطلع عليه الباحثين6.

السرقات العلمية الدولية، عندما تثبت حدوثها في حالة الأبحاث والكتب العلمية، يتم مراسلة الناشر وبعد التأكد من واقعة السرقة يتم سحب البحث من المجلة او الجزء من الكتاب وإبلاغ جهة السارق وكذلك ادراجه في القائمة السوداء، بحيث لا يستطيع النشر عندهم مرة اخرى.

السرقات العلمية الدولية، في حالة النشر على المواقع العلمية والعالمية المحترمة (مثل جوجل7 و يوتيوب8  و ...الخ) على الانترنت، يتم ابلاغ الموقع بالواقعة، ثم المطالبة بالتعويض الأدبي والمادي، وفى حالة رفض الطلب يتم المطالبة بإزالة المحتوى المخالف لقانون حماية الملكية الفكرية، وفى حالة عدم إزالة المحتوى يتم اللجوء الى القضاء. وهنا يجب ان نشير الى ان المواقع العالمية المحترمة لها قواعد وقوانين قوية وتطبقها بشدة على المخالفين في حالة ثبوت جريمة التعدي على حقوق الملكية الفكرية للأخرين، وفى غالبية الأحوال لا يصل الامر الى التقاضي، الا في الأمور المعقدة والمتشابكة. والغريب العجيب والمضحك المبكى انه من تاريخ الإبلاغ عن واقعة السرقة للمواقع العالمية حتى حل المشكلة الامر لا يستغرق أكثر من شهر، بينما في الدول العربية وفى داخل القطر الواحد وأحيانا كثيرة داخل المؤسسة البحثية الواحدة، قد يستغرق الامر عدة أشهر وأحيانا كثيرة عدة سنوات، هذا إذا لم يتم حفظ الشكوى وتحويل الشاكي للتحقيق لعدم كفاية الأدلة، او لأسباب أخرى نعرفها جميعا.

السرقات العلمية مسالة أخلاقية بحتة اذ لم تنبع وتنمى في الباحث، فيجب ان يوجد العقاب الرادع للمخالف، وهي مسئولية المجتمع الأكاديمي كله وكذلك مسئولية مجتمعية أيضا، حيث يجب التصدي لها بل ونشر المخالفات والعقاب المناسب ضدها، وعدم التعاطف مع المخالفين لان ذلك يؤدى بل أدى الى الكوارث التي نحن نعانى منها الان، ورغم الجهود المبذولة لإصدار القوانين والتشريعات ضد المخالفين الا اننا فى الواقع العملي لا نطبقها بل ونتعاطف مع المخالفين، والسؤال المهم هنا لماذا نتعاطف مع المخالف؟ ونتيجة هذا التعاطف تكون ما نحن فيه الان حيث هذه الظاهرة تزداد لأنه ليس هناك تطبيق للقوانين والتشريعات ضد المخالفين!


الموضوع يعبر عن رأى الشخصي وقابل للنقاش والنقد الموضوعي.


ليست هناك تعليقات:

Popular Posts