البياض الزغبي والبياض الدقيقي: مقارنة شاملة بين الفطريات البيضية والحقيقية وأثرها على المحاصيل

البياض الزغبي والبياض الدقيقي: مقارنة شاملة بين الفطريات البيضية والحقيقية وأثرها على المحاصيل

 

مقدمة:

البياض الزغبي والبياض الدقيقي هما مرضان فطريان شائعان يصيبان مجموعة واسعة من النباتات، ولكنهما يختلفان في المسبب وطريقة الإصابة والأعراض الظاهرية والظروف البيئية التي تفضلهما. فهم هذه الاختلافات أمر بالغ الأهمية لتشخيص المرض بدقة وتطبيق استراتيجيات المكافحة المناسبة.

جدول مقارنة لأهم الفروق:

الميزة	البياض الزغبي (Downy Mildew)	البياض الدقيقي (Powdery Mildew)
المسبب	كائنات شبيهة بالفطريات (Oomycetes)، مثل Peronospora, Plasmopara	فطريات حقيقية (True fungi)، مثل Erysiphe, Podosphaera, Oidium
موقع الأعراض	غالبًا السطح السفلي للأوراق (أحيانًا العلوي أيضًا)	غالبًا السطح العلوي للأوراق (أحيانًا السفلي أيضًا)
مظهر النمو الفطري	نمو زغبي أو قطني، غالبًا رمادي إلى أبيض بنفسجي قليلاً	نمو مسحوقي أبيض، يشبه الدقيق أو الطحين
تأثير الرطوبة	يفضل الرطوبة العالية والظروف الرطبة	يمكن أن يزدهر في ظروف رطبة وجافة نسبيًا (رطوبة معتدلة إلى عالية)
تأثير درجة الحرارة	يفضل درجات الحرارة المعتدلة إلى الباردة نسبيًا	يفضل درجات الحرارة الدافئة إلى المعتدلة
تأثير التهوية	يفضل التهوية السيئة	قد يزدهر في ظروف التهوية الجيدة والسيئة على حد سواء
عمق الاختراق	يخترق أنسجة النبات بعمق	ينمو بشكل أساسي على سطح النبات
تأثير الضوء	قد لا يتطلب ضوءًا قويًا لتطوره	قد يفضل الظل الجزئي في بعض الحالات
سرعة الانتشار	يمكن أن ينتشر بسرعة في الظروف المناسبة	يمكن أن ينتشر بسرعة أيضًا، خاصة في الظروف المعتدلة والجافة نسبيًا

شرح تفصيلي مع الأمثلة:

1. المسبب:

• البياض الزغبي: المسبب ليس فطريًا حقيقيًا بالمعنى الدقيق، بل هو كائن شبيه بالفطريات يسمى الفطريات البيضية (Oomycetes). هذه الكائنات أقرب إلى الطحالب البنية منها إلى الفطريات الحقيقية، ولكنها تشترك مع الفطريات في أنها تتطفل على النباتات. أشهر الأجناس المسببة للبياض الزغبي تشمل Peronospora, Plasmopara, Bremia, Phytophthora (بعض أنواع Phytophthora تسبب أمراضًا أخرى مثل اللفحة المتأخرة).

  • مثال: Plasmopara viticola يسبب البياض الزغبي في العنب. Peronospora parasitica يصيب العديد من الخضروات الصليبية مثل البروكلي والقرنبيط.

• البياض الدقيقي: المسبب هو فطريات حقيقية تنتمي إلى رتبة Erysiphales. هذه الفطريات متخصصة جدًا وتتطفل على نطاق واسع من النباتات المختلفة. أشهر الأجناس المسببة للبياض الدقيقي تشمل Erysiphe, Podosphaera, Oidium, Sphaerotheca.

  • مثال: Erysiphe necator (المعروف أيضًا باسم Uncinula necator) يسبب البياض الدقيقي في العنب. Podosphaera pannosa يسبب البياض الدقيقي في الورد. Oidium mangiferae يسبب البياض الدقيقي في المانجو.

2. موقع الأعراض ومظهر النمو الفطري:

• البياض الزغبي:

  • الموقع: الأعراض الأولية غالبًا ما تظهر على السطح السفلي للأوراق. قد تظهر أيضًا على السطح العلوي ولكن بشكل أقل وضوحًا في البداية. في المراحل المتقدمة، قد ينتشر النمو الفطري ليشمل السيقان والثمار والأزهار.

  • المظهر: النمو الفطري يظهر على شكل بقع زغب أو قطن على السطح السفلي للأوراق. هذا النمو غالبًا ما يكون رماديًا إلى أبيض بنفسجي قليلاً، وقد يبدو أحيانًا بنيًا أو أصفرًا باهتًا. عند الفحص الدقيق، يمكن رؤية تفرعات الفطريات الدقيقة التي تشبه الأشجار. على السطح العلوي المقابل للبقع الزغب، قد تظهر بقع صفراء باهتة أو بنية غير منتظمة قد تتحول إلى نخرية (ميتة) لاحقًا.

  • مثال: في البياض الزغبي على العنب، يظهر نمو زغبي أبيض على السطح السفلي للأوراق، بينما يظهر على السطح العلوي بقع صفراء زيتية.

• البياض الدقيقي:

  • الموقع: الأعراض الأكثر وضوحًا تظهر على السطح العلوي للأوراق. قد تظهر أيضًا على السطح السفلي ولكن بشكل أقل كثافة. يمكن أن يصيب البياض الدقيقي السيقان والأزهار والثمار أيضًا.

  • المظهر: النمو الفطري يظهر على شكل بقع مسحوقية بيضاء على سطح النبات، تشبه الدقيق أو الطحين المرشوش. هذه البقع يمكن أن تكون دائرية أو غير منتظمة وتتوسع تدريجيًا لتغطي مساحات واسعة من الورقة. في الحالات الشديدة، قد يغطي النمو الفطري النبات بأكمله. غالبًا ما يكون النمو الفطري سطحيًا ويمكن مسحه بسهولة بالإصبع في المراحل المبكرة.

  • مثال: في البياض الدقيقي على الورد، تظهر بقع بيضاء مسحوقية على الأوراق والبراعم والسيقان، مما يعطي النبات مظهرًا مغطى بالدقيق.

3. الظروف البيئية المفضلة:

• البياض الزغبي: يفضل الرطوبة العالية والظروف الرطبة والباردة نسبيًا. ينتشر المرض بسرعة في الطقس الممطر أو الرطب، خاصة في الربيع والخريف. التهوية السيئة التي تزيد من الرطوبة حول النباتات تساعد على تطور المرض. درجات الحرارة المثلى لتطور البياض الزغبي غالبًا ما تكون معتدلة إلى باردة نسبيًا (حوالي 15-25 درجة مئوية)، ولكن هذا يختلف حسب نوع الفطر البيضي والنبات المضيف.

  • مثال: البياض الزغبي في العنب يزداد انتشاره بعد فترات الأمطار أو الندى الكثيف في الربيع.

• البياض الدقيقي: يمكن أن يزدهر في نطاق أوسع من الظروف البيئية مقارنة بالبياض الزغبي. يفضل الرطوبة المعتدلة إلى العالية، ولكن يمكن أن يتطور أيضًا في الظروف الجافة نسبيًا، طالما أن هناك رطوبة كافية لإنبات الجراثيم. درجات الحرارة الدافئة إلى المعتدلة (حوالي 20-30 درجة مئوية) هي مثالية لتطور البياض الدقيقي. التهوية الجيدة قد تقلل الرطوبة على سطح النبات، ولكن بعض أنواع البياض الدقيقي قد تزدهر في الظل الجزئي أو في الظروف التي تقل فيها التهوية.

  • مثال: البياض الدقيقي على الورد يمكن أن يكون مشكلة حتى في الطقس الجاف نسبيًا في الصيف، خاصة إذا كانت النباتات في مكان مظلل جزئيًا.

4. عمق الاختراق وتأثير الضوء:

• البياض الزغبي: الفطريات البيضية المسببة للبياض الزغبي تخترق أنسجة النبات بعمق. تدخل الفطريات من خلال الثغور أو الجروح وتنمو داخل الأنسجة، وتمتص العناصر الغذائية من الخلايا النباتية. هذا الاختراق العميق يجعل البياض الزغبي أكثر تدميراً للنباتات من البياض الدقيقي في كثير من الأحيان. قد لا يتطلب البياض الزغبي ضوءًا قويًا لتطوره، ويمكن أن يتطور حتى في الظروف المظللة نسبيًا طالما أن الرطوبة متوفرة.

• البياض الدقيقي: فطريات البياض الدقيقي تنمو بشكل أساسي على سطح النبات. ترسل ممصات (haustoria) صغيرة إلى داخل خلايا البشرة لامتصاص العناصر الغذائية، ولكن الجسم الفطري الرئيسي (المايسيليوم) يظل على السطح. هذا النمو السطحي يجعل البياض الدقيقي أقل تدميراً للأنسجة الداخلية للنبات مقارنة بالبياض الزغبي. قد يفضل البياض الدقيقي الظل الجزئي في بعض الحالات، حيث أن أشعة الشمس المباشرة القوية قد تكون ضارة لنموه.

5. سرعة الانتشار:

• البياض الزغبي: يمكن أن ينتشر البياض الزغبي بسرعة كبيرة في الظروف البيئية المناسبة. تنتج الفطريات البيضية كميات هائلة من الجراثيم التي تنتشر بسهولة عن طريق الرياح والمطر ورذاذ الماء. دورة حياة المرض قصيرة، مما يسمح بتكرار الإصابات بسرعة في الطقس الرطب.

• البياض الدقيقي: يمكن أن ينتشر البياض الدقيقي بسرعة أيضًا، خاصة في الظروف المعتدلة والجافة نسبيًا. تنتج فطريات البياض الدقيقي جراثيم جافة وخفيفة الوزن تنتشر بسهولة عن طريق الرياح. يمكن أن تحدث دورات إصابة متكررة بسرعة في الظروف المناسبة.

أمثلة إضافية لتوضيح الفروق:

• البياض الزغبي في الخس: يظهر على شكل بقع صفراء على السطح العلوي للأوراق ونمو زغبي أبيض على السطح السفلي. يزداد انتشاره في الطقس الرطب والبارد.

• البياض الدقيقي في القرعيات (مثل الخيار واليقطين): يظهر على شكل بقع بيضاء مسحوقية على الأوراق والسيقان. يمكن أن يزدهر في الطقس الدافئ والجاف نسبيًا.

• البياض الزغبي في البطاطس (اللفحة المتأخرة): يظهر على شكل بقع بنية إلى سوداء على الأوراق والسيقان، ونمو زغبي أبيض على السطح السفلي للأوراق في الظروف الرطبة. يمكن أن يدمر المحصول بسرعة في الطقس الرطب والبارد.

• البياض الدقيقي في التفاح: يظهر على شكل بقع بيضاء مسحوقية على الأوراق والبراعم والثمار الصغيرة. يمكن أن يقلل من جودة الثمار.

أهمية التمييز بينهما:

التمييز بين البياض الزغبي والبياض الدقيقي مهم للغاية لأن استراتيجيات المكافحة قد تختلف. على سبيل المثال:

• مبيدات الفطريات: بعض مبيدات الفطريات فعالة ضد البياض الدقيقي ولكنها غير فعالة ضد البياض الزغبي، والعكس صحيح. مبيدات الفطريات النحاسية والكبريتية غالبًا ما تكون فعالة ضد البياض الدقيقي، بينما مبيدات الفطريات الجهازية التي تستهدف الفطريات البيضية تكون ضرورية لمكافحة البياض الزغبي.

• الممارسات الزراعية: تهوية النباتات بشكل جيد وتقليل الرطوبة مهم لمكافحة كليهما، لكن التركيز على تقليل الرطوبة مهم بشكل خاص لمكافحة البياض الزغبي.

• الأصناف المقاومة: تتوفر أصناف نباتية مقاومة لكل من البياض الزغبي والبياض الدقيقي، ولكن المقاومة قد تكون خاصة بنوع معين من المرض.

الخلاصة:

البياض الزغبي والبياض الدقيقي مرضان فطريان مختلفان في المسبب والأعراض والظروف البيئية المفضلة. فهم هذه الاختلافات يساعد في التشخيص الدقيق واختيار استراتيجيات المكافحة الفعالة. البياض الزغبي غالبًا ما يكون أكثر تدميراً ويتطلب اهتمامًا خاصًا في الظروف الرطبة والباردة، بينما البياض الدقيقي يمكن أن يكون مشكلة حتى في الظروف الجافة نسبيًا ويتطلب مكافحة مستمرة للحفاظ على صحة النباتات.