المثلث المرضي (Disease Triangle): إطار شامل لفهم التفاعل بين العوامل الأساسية لحدوث وانتشار الأمراض النباتية
المثلث المرضي (Disease Triangle):
المسبب المرضي (Pathogen): يمثل هذا الضلعالكائن الحي الدقيق أو العامل الممرض الذي يسبب المرض. يمكن أن يكون المسبب المرضي فطريًا، أو بكتيريًا، أو فيروسيًا، أو نيماتوديًا، أو فيتوبلازميًا، أو طفيليًا نباتيًا، أو أي عامل حي آخر قادر على إحداث المرض في النبات.وجود المسبب المرضي هو شرط أساسي ولكنه ليس كافيًا لحدوث المرض . يجب أن يكون المسبب المرضيقادرًا على إحداث المرض (ممرضًا) وأن يكونموجودًا بكمية كافية (لقاح) في المكان والزمان المناسبين.العائل النباتي (Host Plant): يمثل هذا الضلعالنبات القابل للإصابة بالمرض. يجب أن يكون النباتحساسًا أو قابلاً للإصابة (Susceptible) بالمسبب المرضي المحدد. ليست جميع النباتات قابلة للإصابة بجميع الأمراض. تختلف النباتات فيدرجة مقاومتها أو حساسيتها للأمراض المختلفة بناءً على تركيبها الوراثي، ومرحلة النمو، وحالتها الفسيولوجية.وجود عائل نباتي قابل للإصابة هو شرط أساسي آخر لحدوث المرض .الظروف البيئية (Environment): يمثل هذا الضلعمجموعة العوامل البيئية المحيطة بالنبات والتي تؤثر على كل من المسبب المرضي والعائل النباتي وتفاعلهما. تشمل هذه العواملدرجة الحرارة، الرطوبة، الضوء، الرياح، التربة، العناصر الغذائية، وغيرها .الظروف البيئية المناسبة ضرورية لتطور المرض وانتشاره . بعض الظروف البيئية قد تكون مواتية للمسبب المرضي وتساعده على النمو والتكاثر والانتشار، بينما قد تكون غير مواتية للنبات وتجعله أكثر عرضة للإصابة.
مسبب مرضي ممرض عائل نباتي قابل للإصابة ظروف بيئية مواتية
إذا غاب المسبب المرضي: حتى لو كان النبات قابلاً للإصابة وكانت الظروف البيئية مواتية، فلن يحدث المرض.إذا كان النبات مقاومًا للمسبب المرضي: حتى لو كان المسبب المرضي موجودًا وكانت الظروف البيئية مواتية، فلن يحدث المرض أو سيكون تأثيره ضئيلًا.إذا كانت الظروف البيئية غير مواتية للمرض: حتى لو كان المسبب المرضي موجودًا وكان النبات قابلاً للإصابة، فلن يحدث المرض أو سيكون تطوره بطيئًا ومحدودًا.
القدرة الإمراضية (Pathogenicity): يجب أن يكون المسبب المرضيقادرًا على إحداث المرض في العائل النباتي. تختلف المسببات المرضية في قدرتها الإمراضية، حيث أن بعضها يكون شديد الإمراضية ويسبب أمراضًا خطيرة، بينما يكون البعض الآخر ضعيف الإمراضية ويسبب أمراضًا طفيفة أو لا يسبب أمراضًا على الإطلاق في الظروف العادية.العوامل التي تحدد القدرة الإمراضية للمسبب المرضي تشمل :السمية (Toxicity): قدرة المسبب المرضي على إفراز مواد سامة تضر بخلايا النبات.الإنزيمات المحللة (Degradative Enzymes): قدرة المسبب المرضي على إفراز إنزيمات تحلل الأنسجة النباتية.منظمات النمو (Growth Regulators): قدرة المسبب المرضي على إفراز منظمات نمو نباتية غير طبيعية تؤدي إلى تشوهات في النمو.القدرة على الغزو والاستيطان (Invasion and Colonization): قدرة المسبب المرضي على اختراق أنسجة النبات والاستيطان فيها والتكاثر.
اللقاح (Inoculum): يشير اللقاح إلىكمية المسبب المرضي القادرة على إحداث العدوى . يجب أن يكون اللقاحموجودًا بكمية كافية في المكان والزمان المناسبين لحدوث العدوى.مصادر اللقاح يمكن أن تكون متنوعة وتشمل :بقايا النباتات المصابة: تحتوي على أبواغ الفطريات، أو بكتيريا، أو فيروسات، أو نيماتودا.البذور والشتلات المصابة: تحمل المسبب المرضي داخليًا أو سطحيًا.التربة: تحتوي على مسببات أمراض تعيش في التربة مثل الفطريات والنيماتودا.الحشرات الناقلة: تحمل الفيروسات والفيتوبلازما والبكتيريا وتنقلها إلى النباتات السليمة.الأعشاب الضارة: يمكن أن تكون عوائل بديلة لبعض المسببات المرضية.
البقاء (Survival): قدرة المسبب المرضي على البقاء على قيد الحياة بين مواسم الزراعة أو في الظروف غير المواتية.طرق بقاء المسببات المرضية متنوعة وتشمل :الأبواغ المقاومة: تنتجها بعض الفطريات وتكون قادرة على البقاء في التربة أو بقايا النباتات لفترات طويلة.الميسيليوم (Mycelium) في بقايا النباتات: تستطيع بعض الفطريات البقاء على شكل ميسيليوم في بقايا النباتات المصابة.البكتيريا في التربة أو بقايا النباتات: تستطيع بعض البكتيريا البقاء في التربة أو بقايا النباتات لفترات طويلة.الفيروسات في العوائل البديلة: تستطيع بعض الفيروسات البقاء في العوائل البديلة (مثل الأعشاب الضارة) بين مواسم الزراعة.النيماتودا في التربة: تستطيع النيماتودا البقاء في التربة لفترات طويلة.
القابلية للإصابة (Susceptibility): يجب أن يكون النباتقابلاً للإصابة أو حساسًا للمسبب المرضي المحدد. تختلف النباتات في درجة مقاومتها أو حساسيتها للأمراض المختلفة.العوامل التي تحدد قابلية النبات للإصابة تشمل :التركيب الوراثي (Genetic Makeup): بعض الأصناف النباتية تكون مقاومة وراثيًا لبعض الأمراض، بينما تكون أصناف أخرى قابلة للإصابة.مرحلة النمو (Growth Stage): قد يكون النبات أكثر عرضة للإصابة في مراحل نمو معينة (مثل مرحلة البادرة أو مرحلة الإزهار).الحالة الفسيولوجية (Physiological Condition): النباتات الضعيفة أو المجهدة (بسبب نقص الماء أو العناصر الغذائية أو الآفات أو الظروف البيئية غير الملائمة) تكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.العمر (Age): قد تكون النباتات الصغيرة أو النباتات المسنة أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض.
المقاومة (Resistance): قدرة النبات على مقاومة المرض أو تقليل تأثيره .أنواع المقاومة النباتية تشمل :المقاومة الوراثية (Genetic Resistance): مقاومة موروثة نتيجة لوجود جينات مقاومة في النبات.المقاومة المستحثة (Induced Resistance): مقاومة يتم تحفيزها في النبات بواسطة عوامل خارجية (مثل بعض الكائنات الحية الدقيقة المفيدة أو المواد الكيميائية).المقاومة الأفقية (Horizontal Resistance) أو المقاومة متعددة الجينات (Polygenic Resistance): مقاومة تعتمد على عدة جينات وتكون أكثر استدامة وأقل عرضة للتغلب عليها من قبل المسببات المرضية.المقاومة الرأسية (Vertical Resistance) أو المقاومة وحيدة الجين (Monogenic Resistance): مقاومة تعتمد على جين واحد وقد تكون فعالة جدًا ولكنها أكثر عرضة للتغلب عليها من قبل سلالات جديدة من المسبب المرضي.
التهرب (Escape): قدرة النبات على تجنب الإصابة بالمرض من خلال النمو في ظروف غير مواتية للمرض أو في أوقات لا يكون فيها المسبب المرضي نشطًا.آليات التهرب تشمل :تعديل مواعيد الزراعة: الزراعة في أوقات لا تكون فيها الظروف البيئية مواتية للمرض.اختيار المواقع: الزراعة في مواقع ذات ظروف بيئية غير مواتية للمرض.
درجة الحرارة (Temperature): تؤثر درجة الحرارة علىنمو وتكاثر المسبب المرضي واستجابة العائل النباتي للمرض. لكل مسبب مرضي نطاق حراري مثالي للنمو والتكاثر والعدوى. وبالمثل، يؤثر مدى تحمل النبات لدرجات الحرارة المختلفة على مقاومته للأمراض.أمثلة :بعض الأمراض الفطرية (مثل اللفحة المتأخرة في البطاطس) تزدهر في درجات الحرارة المنخفضة والرطوبة العالية. بعض الأمراض البكتيرية (مثل الذبول البكتيري) تزدهر في درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية.
الرطوبة (Humidity): تعتبر الرطوبةعاملًا حاسمًا في معظم الأمراض النباتية . الرطوبة العالية أو الأمطار أو الندى توفرالماء الحر اللازم لإنبات الأبواغ الفطرية، وتكاثر البكتيريا، وانتشار المسببات المرضية . كما أن الرطوبة العالية قد تضعف مقاومة النبات وتجعله أكثر عرضة للإصابة.أمثلة :الأمراض الفطرية مثل البياض الدقيقي والصدأ واللفحة المتأخرة تحتاج إلى رطوبة عالية أو مياه حرة لحدوث العدوى والانتشار. الأمراض البكتيرية غالبًا ما تنتشر في الظروف الرطبة أو بعد الأمطار الغزيرة.
الضوء (Light): يؤثر الضوء علىنمو وتطور النبات ومقاومته للأمراض . الضوء الكافي ضروري لعملية التمثيل الضوئي وإنتاج الغذاء في النبات، مما يعزز صحة النبات ومقاومته للأمراض. الإضاءة غير الكافية قد تضعف النبات وتجعله أكثر عرضة للإصابة. كما أن الضوء قد يؤثر على بعض المسببات المرضية بشكل مباشر أو غير مباشر.التربة (Soil): خصائص التربة (مثل التركيب، الصرف، الحموضة، الخصوبة) تؤثر علىصحة النبات ومقاومته للأمراض . التربة جيدة الصرف والتهوية توفر بيئة جذرية صحية وتقوي النبات. التربة الفقيرة في العناصر الغذائية أو الملوثة أو ذات الصرف السيئ قد تضعف النبات وتجعله أكثر عرضة للأمراض. كما أن التربة هي موطن للعديد من المسببات المرضية (مثل الفطريات والنيماتودا) وبعض الكائنات الحية الدقيقة المفيدة التي يمكن أن تكافح الأمراض.العناصر الغذائية (Nutrients): التغذية المتوازنة ضرورية لصحة النبات ومقاومته للأمراض.نقص أو زيادة بعض العناصر الغذائية قد يؤثر على قابلية النبات للإصابة بالأمراض.أمثلة :نقص النيتروجين قد يجعل النبات أكثر عرضة لبعض الأمراض الفطرية. زيادة النيتروجين قد يجعل النبات أكثر عرضة لبعض الأمراض البكتيرية. نقص البوتاسيوم قد يضعف مقاومة النبات للعديد من الأمراض. الكالسيوم يلعب دورًا هامًا في تقوية جدر الخلايا النباتية وزيادة مقاومتها للأمراض.
الرياح (Wind): تلعب الرياح دورًا فيانتشار الأبواغ الفطرية والبكتيريا والحشرات الناقلة للأمراض . الرياح القوية يمكن أن تنقل المسببات المرضية لمسافات بعيدة، مما يزيد من سرعة انتشار الأوبئة. كما أن الرياح قد تسبب جروحًا في النباتات، مما يسهل دخول المسببات المرضية.الممارسات الزراعية (Cultural Practices): الممارسات الزراعية التي يتم تطبيقها في المزرعة تؤثر بشكل كبير علىالظروف البيئية المحيطة بالنباتات ومقاومتها للأمراض .أمثلة :الدورة الزراعية: تساعد على تقليل تراكم المسببات المرضية في التربة.الحرث العميق: يساعد على دفن بقايا النباتات المصابة وتقليل اللقاح في التربة.الري المناسب: تجنب الري المفرط أو غير المنتظم الذي يخلق ظروفًا رطبة مواتية للأمراض.التسميد المتوازن: توفير التغذية المتوازنة للنباتات لتعزيز صحتها ومقاومتها للأمراض.إزالة الأعشاب الضارة: تقليل العوائل البديلة للمسببات المرضية والحشرات الناقلة.الزراعة بمسافات مناسبة: تحسين التهوية وتقليل الرطوبة في المزرعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق